تفـــــــــــــــــــــــــــــــسير البـــــــــــــــــــــــــــــــــــسمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلة

قوله : "بسم الله" أى أبدأ تصنيفى وعملى هذا وكتابى هذا " بسم الله " وما أعظمها وأشرفها من بداية ، ولقد حث الشرع الحنيف وندب إلى ذكر اسم الله ـ تبارك وتعالى ـ مع كل فعل من الأفعال كالأكل والشرب والذبح والنوم والركوب والجماع والوضوء وعند دفن الميت وغير ذلك من الأعمال قال الله تعالى: " فكلوا مما ذكر اسم الله عليهإن كنتم بآياته مؤمنين "
وفى" صحيح البخارى ومسلم " من حديث عمر بن أبى سلمة ـ رضى الله عنه أن النبى ـ صلى الله عليه وسلم قال له:" يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك فما زالت طعمتى بعد.
وفى الصحيحين عن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ أنه صلى الله عليه وسلم ـ قال :" إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدرى ما خلفه عليه ثم يقول باسمك رب وضعت جنبى وبك أرفعهإن أمسكت نفسى فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين "
أما لفظ الجلالة" الله" فهو الاسم المفرد العلم الدال على كل الاسماء الحسنى تنسب إليه فأنت تقول العزيز من أسماء الله ولا تقول الله من أسماء العزيز.
والصحيح كما قال ابن القيم : أنه مشتق من الإله والإله هو المعبود
" والرحمن الرحيم "قال ابن عباس ـ رضى الله عنهـ : " الرحمن الرحيم اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر ، أى أكثر رحمة".
وقال عبدالله بن المبارك :" الرحمن الذى إذا سئل أعطى ، والرحيم الذى إذا لم يسأل غضب ".
والاسمان الجليلان يثبتان صفة الرحمة لله ـ تبارك وتعالى ـ ونحن نثبت لله جلا وعلا ـ ما أثبته لذاته من الأسماء الحسنى والصفات العلا وما أثبته له أعرف الخلق به عبده ورسوله محمد (صلى الله عليه وسلم )ونؤمن بهذه الأسماء والصفات من غير تحريف لألفاظها ومن غير تحريف لمعانيها ومن غير تعطيل أو تشبيه أو تمثيل قال عز وجل:" لبس كمثله شيءوهو السميع البصير"
وقال تعالى :" ورحمتى وسعت كل شيء"
وفى" الصحيحين"من حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أن النبى ( صلى الله عليه وسلم) قال:" لما خلق الله الخلق ، كتب فى كتابه، وهو يكتب على نفسه ، وهو وضع عنده على العرش : إن رحمتى تغلب غضبى". وفى لفظ :" سبقت غضبى".
وفى" الصحيحين " من حديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : قدم على النبى ( صلى الله عليه وسلم )سبى ، فإذا امرأة من السبى قد تحلب ثديها تسقى ، إذا وجدت صبيا فى السبى أخذته فألصقته ببطنهاوأرضعته ، فقال لنا النبى ( صلى الله عليه وسلم) :"أترون هذه طارحة ولدها فى النار " قلنا لا، وهى تقدر علىأن لا تطرحه فقال:" الله أرحم بعباده من هذه بولدها"
ورحمة الأم بولدها لا يستطيع بليغ أن يجسدها أو أن يعبر عنها لذا قال أحد الصالحين يوما:" اللهم إنك تعلم أن أمى هى أرحم الناس بى وأنا أعلم أنك أرحم بى من أمى وأمى لا ترضى لى الهلاك والعذاب أفترضاه لى وأنت أرحم الراحمين "
والذى نريد أن نؤصله ونؤكد عليه : أن الاسمين الجليلين :" الرحمن الرحيم"يثبتان صفة الرحمة لله ـ تبارك وتعالىـ ونحن نثبت لله ما اثبته لذاته من أسماء الجلال وصفات الكمال من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ، قال جل فى علاه :" ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"
[/size]