اعلم: أن في كل فقر، ومرض، وخوف، وبلاء في الدنيا، خمسة أشياء ينبغي أن يفرح العاقل بها، ويشكر عليها:
أحدها: أن كل مصيبة ومرض يُتَصوَّر أن يكون عليها أكثر منها؛ لأن مقدورات الله –تعالى- لا تتناهى، فلو أضعفها الله -عزَّ وجل- على العبد، فما كان يمنعه؟ فليشكر إذ لم يكن أعظم.
الثاني: أن المصيبة لم تكن في الدين.
قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: ما ابتليت ببلاء إلا كان لله -تعالى- عليَّ فيه أربع نِعَم:
- إذ لم يكن في ديني.
- وإذ لم يكن أعظم.
- وإذ لم أحرم الرضا به.
- وإذ أرجو الثواب عليه.
قال رجل لسهل بن عبد الله: دخل اللصُّ بيتي وأخذ متاعي، فقال: اشكر الله –تعالى-، لو دخل الشيطان قلبك، فأفسد إيمانك، ماذا كنت تصنع؟ ومن استحق أن يضربك مائة سوط، فاقتصر على عشرة؛ فهو مستحق للشكر.
الثالث: أن ما من عقوبة إلا كان يُتَصوَّر أن تُؤخَّر إلى الآخرة، ومصائب الدنيا يتسلَّى عنها فتخف، ومصيبة الآخرة دائمة، وإن لم تدم؛ فلا سبيل إلى تخفيفها، ومن عجلت عقوبته في الدنيا؛ لم يعاقب ثانيًا، كذا ورد في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.
وفي "صحيح مسلم": (إن كل ما يصاب به المسلم يكون كفارة له، حتى النكبة ينكبها، والشوكة يشاكها).
الرابع: أن هذه المصيبة كانت مكتوبة عليه في أم الكتاب، ولم يكن بد من وصولها إليه، فقد وصلت واستراح منها، فهي نعمة.
الخامس: أن ثوابها أكثر منها، فإن مصائب الدنيا طرق إلى الآخرة، ويتصور أن يكون له في ذلك خبرة دينية، فعليه أن يحسن الظن بالله -عزَّ وجل