إسلام عمير بن وهب

جاء محمد( صلى الله عليه وسلم) بالهدى ودين الحق فغير ما ألفه العرب فى جاهليتهم وعاب ما ساروا عليه وحقر آلهتهم التى يعبدونها من دون الله ... اشتد ذلك على زعماء قريش وزعماء العرب زكيف يخرج عليهم رجل منهم بديت لم يسمعوا عنه وكيف يصدقون رجلا لم يترك بلادهم ولم يعش إلا بينهم ولم يعهدوا له مددا من علم ......عز كل هذا على العرب فاجتهدوا فى أن يلحقوا الأذى بمحمد واصحابه ويتعقبونه فى كل مكان ..... ويكيدون له ويجلبون عليه الشر أينما كان والنبى عليه الصلاة والسلام ماض فى دعوته صابر على آذاهم .... لا يثنيه عن دعوة الحق شيئا...
لا يقف أمام دعوته عائق مهما عظم ولا يؤخر دعوته ظالم مهما كان ... فلنتعرف على شخصيه كانت من أشد عداوة لمحمد وصحبه ثم أصبح الاسلام احب شيء الى قلبه.....
عمير بن وهب
كان من أشد الكفار إضرارا بالمسلمين عمير بن وهب وكان بطلا من أبطال قريش وشيطانا من أشد شياطينها وأعنفهم على الاسلام والمسلمين . كان يجلس إلى أصحابه من كفار قريش يتذاكرون الحديث فى الدين الجديد الذى جاء به محمد فيجعل الامر عندهم وفى نفوسهم عظيم ويملأ كل نفس منهم غيظا وحقدا على رسول الله وأصحابه .
غزوة بدر
بعد هجرة الرسول إلى المدينة واستقراره بها ووقعت الواقعة بين المسلمين والمشركين فى غزوة بدر وكان عمير من زعماء قريش فوقع اختيارهم عليه ليستكشف لهم جيش المسلمين لانه كان ذا بصر قوى وتقدير محكم فقالوا له : احزر لنا أصحاب محمد واعرف لنا عددهم ....
فخرج عمير وجال بفرسه حول معسكر المسلمين ثم رجع مخبرا قومه بما يلى :هم ثلثمائة رجل، يزيدون قليلا أو ينقصون ولكن أمهلونى حتى أنظر القوم : فأرى ألهم كمين ، أو مدد..... راح عمير ثم رجع وقال لقومه عن جيش المسلمين : رأيت وجوها كوجوه الحيات ورأيت قوما ليس لهم قوة إلا سيوفهم والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلا منكم ...فقالوا له : دع هذا عنك يا عمير فلا تخذل همم قريش وعليك أن تقوم بتحريض قريش على قتال المسلمين ..
رمى عميربنفسه بين المسلمين وارتفع صوته يحرض قريشا على قتال المسلمين ولكن ارادة الله فوق الجميع ونصر الله عبده وهزم الكفار وحده وقتل من المشركين من قتل وأسر من أسر ومنهم ( وهب بن عمير بن وهب) ورجع عمير مخذولا وابنه اسيرا حقيرا عند المسلمين .... ولما انتهى الرسول الكريم من الموقعة رجع واصحابه إلى المدينة ........
فداء الأسرى
وبعد فترة فتح باب الفداء فمن أراد من قريش أن يطلق اسيره تقدم فدفع الفدية فكانت تفد كل قبيله لتفدى ابنها ليطلق سراحه من أسره من المسلمين .
ما بعد الهزيمة
وفى ساعة من ساعات الحزت يجلس عمير بن وهب إلى ابن عمه صفوان بن أمية يتحادثان ويذكران موقعة بدر ...
وما كان فيها من ذل وهوان لقريش ويذكر ابنه وهب الذى وقع فى الاسر ويذكر صفوان أباه " أميه بن خلف " وقد قتل فى بدر فيقول صفوان : قبح الله العيش بعد قتلى بدر .
فيرد عمير : تعم والله ما فى العيش خير بعدهم ، ولولا دين على لا أجد له قضاء وعيال أخشى أن يضيعوا من بعدى لركبت إلى محمد حتى أقتلهوإن لى عندهم عيلة ابنى اسير بين أيديهم ما سمع صفوان هذا الكلام من عمير حتى قال له : يا ابن عمى على دينك أنا اقضيه لك وعيالك عيالى أنفق عليهم وأحفظهم مدة حياتهم لا يأتى خير إلا كان لهم منه نصيب كبير تمكنت كلمات صفوان فى أذن عمير ونفذ الحقد إلى قلبه على النبى المصطفى ( صلوات ربى وتسليمه عليه)فوجدت مستقرا فى قلبه الحاقد وخيل إليه أنه عثر على كنز ثمين وأن حمله الذى كان يثقل عليه قد تقدم إليه غيره ليحملهعنه لذلك رد عميرا مسرعا دون تفكير : اسمع يا صفوان كلامك فى موضعه ، ورأيك سيجد منى رجلا يستطيع أن يقوم بالمهمة الكبيرة التى نود أن نقضى فيها بعمل حاسم أنا قد عزمت على قتل محمد . وما عليك إلا أن تكتم هذا السر ولا تظهر عليه أحدا ولا تحدث به أقرب الناس إليك ولا يعلم بهذه المحاورة التى بيننا أحد ولا يطلع على هذا العزم مخلوق مهما كان فاكتم شأنى وشأنك .
فقال صفوان : لك ذلك يا عمير، وسأكتم هذا السر الذى بيننا فى نفسى لن أبوح به لاى انسان. ولكن هيهات هيهات فهناك من يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور ....
تدبير الشر
ذهب عمير إلى بيتهوشحذ سيفه وجعل نصله حادا وسقاه سما ليكون الوقع منه أكبر ثم جهز بعيره وانطلق إلى مدينة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) عازما كل العزم على قتل خير الأنام ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ، وصل عمير المدينه فسأل عن دار رسول الله صلى الله عليه وسلم فوصفوها له......
ثم وجد عمر بن الخطاب رضى الله عنه يجلس وسط جماعة من الناس يتحدثون فيما أكرمهم الله تعالى عن غزوة بدر وكيف أن الله تعالى أكرمهم بالنصر على الكفار وما كاد عمر يرى عمير بن وهب وهو متقلد سيفه حتى جرى نحوه قائلا :هذا عمير بن وهب ـ واللهـ ما جاء إلا لشر إته هو الذى كان يقلب علينا المشركين فى مكة ويحرضهم على قتالنا فى بدر فاسرع اليه ابن الخطاب وحجزه مكانه ... ثم دخل على النبى ـ صلى الله عليه وسلمـ فقال له: يا نبى الله ، هذا عدو الله عمير بن وهب ، قد جاء متوشحا سيفه .
قال عليه الصلاة والسلام : فأدخله على
.
فقال عمر لرجال من الانصار: ادخلوه على رسول الله . فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون . ثم أقبل بن الخطاب إلى عمير فأخذ بحمالة سيفه ولفها حول عنقهوضيق عليه أمره فلما رأى الرسول ذلك من عمر قال عليه الصلاة والسلام :أرسلهيا عمر أدن يا عمير ......
فدنا عمير من خير الأنام فقال: انعموا صباحا .
فقال سيد الأنام عليه السلام : قد أكرمنا الله تعالى بتحية خير من تحيتك يا عمير وهى السلام تحيه أهل الجنة
فقال عمير : ‘ن عهدك بالتحية الجديدة لحديث
فقال عليه الصلاة والسلام :
فما جاء بك يا عمير ؟
قال عمير: جئت أفك أسر هذا الأسير الذى تحت أيديكم . وأطلب إطلاق سراحه . فأحسنوا على به.
قال عليه الصلاة والسلام : فما بال السيف فى عنقك ؟
قال عمير : قبحها الله من سيوف .... وهل أغنت عنا شيئا ؟
فقال له خير الأنام : أصدقنى القول ، ما الذى جئت له؟
قال عمير : ما جئت إلا لذلك .
فقال له النبى ( صلى الله عليه وسلم ): بل قعدت أنت وصفوان بن أميه عند حجر إبراهيم أمام الكعبة فذكرتما قتلى بدر من قريش ، ثم قلت : لولا دين على ، وعيال عندى لخرجت حتى أقتل محمدا ، فتحمل لك صفوان بن أمية بدينك وعيالك على أن تقتلنى له والله حائل بينك وبين ذلك . ما إن سمع عمير هذا الكلام النبوى القاطع حتى أخذته حيرة وإعجاب وخفق قلبه واهتزت نفسه ولم لا يعجب ولا يدهش وقد أعيد أمامه بالمدينة المنورة حديث جرى بينه وبين رفيقه صفوان فى مكة وهما وحيدان فريدان حريصان على كتم السر وصيانته عن كل إنسان ؟ حقا إنها النبوة المبصرة هنا خفق قلب عمير بن وهب ، فصاح :أشهد أن لاإله إلا اللهوأشهد أنك رسول الله قد كنا يا رسول الله نكذبكبما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحى أما ما ذكرته الأن فأمره عجيب حقا فالحمد لله الذى هدانى للإسلام سمع الحاضرون هذا الكلام فكبروا وهللوا وكان فرحهم باسلام عمير عظيما ...
علموه
التفت الرسول إلى عمير وقال له : اجلس يا عمير نواسيك . ثم التفت إلى الصحابه وقال لهم : فقهوا أخاكم فى دينه وأقرئوه القرآن وأطلقوا له أسيره ... فقام الصجابه يحيطون بعمير ليعلموه امتثالا لامر الرسول وأمرهم الرسول بفك اسر لبنه " وهب ".
داعية كريم
اطمأن عمير بالدين الجديد وسعد بصحبته للصحابه
ثم قال لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) :يا رسول الله انى كنت جاهدا على إطفاءنور الله شديد الأذى لمن كان على دين الله عز وجل ، وأنا أحب أن تأذن لى فأعود إلى مكة لادعوهم إلى الله تعالىلعل الله يهديهم فأذن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) فذهب إلى مكة وأقام بها يدعو الناس إلى الاسلام ويؤذى من خالفه أذى شديد وأسلم على يديه ناس كثيرون .
وكان عمير أمينا فى دعوته أمينا كان يسرد المعجزة التى كان طرفا فيها فمن مست قلبه رق لها وأسلم ومن قست قلوبهم وماتت أحاسيسهم ظلوا فى طغيانهم يعمهون ... وهاجر عمير إلى المدينة المنورة ليلحق برسول الله وأصحابه ويعيش مع المسلمين جنديا غزوة أحد وما بعدها ويشهد مع الرسول الكريم فتح مكة الفتح المبين ...
قال تعالى فى محكم آياته :"إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء "
اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت .
اللهم يا مصرف القلوب ثبت قلبى على دينك .
[u]