موسى فى أرض مدين
قال تعالى فىمحكم آياته :"فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجنى من القوم الظالمينولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربى أن يهدينى سواء السبيل ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لانسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير".......
يخبرنا الله تعالى عن خروج عبده ورسوله وكليمه من مصر خائفا يترقب وقد توجه نحو مدين دون هدايه منه ولكن الله هداه إلى مقصود .... فلما وصل إلى بئر مدين وجد الرعاه يسقون ومن بينهم امرأتين ومدين ى المدينة التى أهلك الله فيها أصحاب الأيكة وهم قوم شعيب ..... وجد موسى عليه السلام الفتاتين تكفكفان عن الاغنام ... فسألهم ما خطبكما أخبرتاه ان والهما شيخ كبير فقدم لهما المساعدة وسقى لهما ....
وقيل أن الرعاة بعد انتهائهم من السقى يضعون فوق البئر ضخرة كبيرة
فأتت الفتاتان لتسقى الغنم ورأى موسى هذا فأزاح الصخرة وسقى لهما ثم رد الحجر كما كان قال أمير المؤمنين عمر رضى الله تعالى عنه:"وكان لايرفعه إلا عشرة من الرجال وإنما استسقى ذنوبا واحد فكفاهما ...
ثم تولى موسى إلى الظل وكان ظل شجرة من السمر.... قال ابن عباس : سار من مصر إلى مدين لم يأكل إلا البقل وورق الشجر وكان حافيا وجلس فى الظل ـ وهو صفوة الله فى خلقه ـ وأن بطنه للاصق بظهره من الجوع .
قال عطاء بن السائب لما قال:" رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير "أسمع المرأة .
قال تعالى فى محكم آياته :" فجاءته إحداهما تمشى على استحياء قالت إن أبىيدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين قالت احداهما يا ابت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين قال إنى أريد أن أنكحك إحدى ابنتى هاتين على أن تأجرنى ثمانى حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدنى إن شاء الله من الصالحين قال ذلك بينى وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان على والله على ما نقول وكيل "
قيل عندما جلس موسى فى الظل ودعا ربه سمعته المرأتان فيما قيل فذهبتا إلى أبيهما فأمر إحداهما أن تذهب إليه فتدعوه فجاءت إليه تمشى مشى الحرائر وأخبرته أن أبوها يدعوه ليشكره فجاء موسى إليه وأخبره بخبره كله فقال له خرجت من سلطانهم فلست فى دولتهم .......
وقد اختلف فى هذا الشيخ هل هو شعيب عليه السلام وصرح بذلك طائفة من الناس منهم الحسن البصرى ومالك بن أنس وصرح بأن شعيبا عاش عمرا طويلا حتى أدركه موسى وتزوج ابنت وقيل أنه ابن أخى شعيب وقيل ابن عمه وقيل رجل مؤمن من قوم شعيب وقال ابن عباس هو رجل اسمه يثرون وهو ابن أخى شعيبا والله أعلى وأعلم ....
ولقد أكرم ضيافته ومثواه ... فقالت ابنته :" يا ابت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين"..... فسألها أبوها وما أدراك قالت: لقد رفع الصخرة التى لايطيق رفعها إلا عشرة ولما جئت معه طلب منى أن اسير خلفه وإذا ضل الطريق ارشدته بحصاه .
قال ابن مسعود:أفرس الناس ثلاثة : صاحب يوسف حين قال لامرأته اكرمى مثواه . وصاحبه موسى حين قالت :" يا ابت استأجره إن خير من أستأجرت القوى الأمين". وأبو بكر حين استخلف عمر بن الخطاب....
وقد عرض عليه الزواج من إحدى ابنتيه على ان يعمل عنده ثمانى سنوات ون اتم عشر سنوات فهو كرم من عنده فقضى موسى أفضل الأجلين وهو عشر سنوات......وبعد قضاء موسى السنوات سأل امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به فأعطاها ما ولدت غنمه
فانطلق موسى عليه السلام إلى عصا قسمها من طرفها .
قال تعالى :" فلما قضى موسى الأجل وسار بلأهله آنس من جانب الطور نارا قال امكثوا إنى آنست نارا لعلى آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون فلما آتاها نودى من شاطئ الوادى الأيمن فى البقعة الماركة من الشجرةأن يا موسى إنى أنا الله رب العالمين وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين اسلك يدك فى جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه إنهم كانوا قوما فاسقين ".
والمقصود ان موسى عليه السلام عندما قضى ما تم الاتفاق عليه أخذ أهله ورجع إلى مصر .... وقالوا: اتفق ذلك فى ليلة باردة مظلمة وتاهوا فى طريقهم وبينما هم على هذه الحال إذ أبصر من بعيد نارا فى جانب الطور وكأنه والله أعلم رآها من دونهم لان هذه النار هى نور فى الحقيقة لايصح لاى شخص ان يراها فأمر أهله بالمكوث وذهب موسى ليأتى بالخبر واى خبر ووجد عندها هدى واى هدى واقتبس منها نورا واى نور فوصل موسى إلى الواد المقدس طوى فناداه ربه ان اخلع نعليك تعظيما وتكريما لتلك البقعة فخاطبه الله انه رب العالمين الذى لاإله إلا هو الذى لاتصلح العبادة واقامة الصلاة إلا له وسأله ربه عن العصاه التىبيمينه فاخبره انه يهش بها على غنمه فأمره رب العزة أن يلقيها فألقاهافتحولت إلى حية كبيرة تسعى ............ فهرب موسى منها خوفا فناداه ربه عز وجل أن يعود فعاد موسى خائفا وأمره ربه أن يبسط يده ليأخذها فأخذها وقد أعادها الله الى صورتها الأولى ... ثم أمره الله تعالى بأن يدخل يده فى جيبه فخرجت بيضاء تتلألأ كالقمر من غير برص ولا بهق وقيل معنى " واضمم اليك جناحك من الرهب " أى إذا خفت ضع يدك على فؤادك يسكن جأشك ........
فأمره الله تعالى أن يذهب إلى فرعون وقومه ومعه هاتان الآياتانمن تسع آيات إلى فرعون وقومه ..... والآيات هى :
(العصا ـ اليد ـ نقص الثمرات ـ أخذ آل فرعون بالسنين ـ الجراد ـ الطوفان ـ القمل ـ الضفادع ـ الدم ) ...
قال تعالى فى محكم آياته:"اذهب إلى فرعون إنه طغى قال رب اشرح لى صدرى ويسر لى أمرى واحلل عقدة من لسانى يفقهوا قولى "
قيل أن موسى عليه السلام قد أصيب بلثغة فى لسانه بسبب تلك الجمرة التى قدمها له فرعون ليختبره وهو طفل صغير حين أخذ بلحيته وهو صغير فهم فرعون بقتله فخافت عليع آسية وقالت : إنه طفل صغير فاختبره بوضع الجمرة فأخذها فوضعها على لسانه ولذا قال فرعون قبحه الله :" ولا يكاد يبين ".......
فسأل الكليم ربه قائلا :"واجعل لى وزيرا من أهلى هارون أخى أشدد به أزرى وأشركه فى أمرى كى نسبحك كثيرا ونشكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا قال قد أتيت سؤلك يا موسى "...
وقد سمعت أم المؤمنين عائشة رجلا يقول لأناس وهم سائرون فى طريق الحج : أى أخ أمن على أخيه؟ فسكت القوم ، فقالت عائشة رضوان الله عليها لمن حول هودجها : هو موسى بن عمران حين شفع فى أخيه هارون فأوحى اليه . قال تعالى :" ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا"
وللقصة بقية بإذن المولى تعالى إن قدر لنا البقاء وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.